إيمانا منا بأن مجرد الوصول الى حافات العلم أمر لم يعد مقبولا فقد ارتأينا أن نكتب عن تقنية النانوتكنولوجي وهي التقنية التي هي الآن بداخل صرح العلم لا على حافاته. هذه التقنية تسيدت كل التقنيات الخرى شانها بذلك شأن تقنية الليزر فقد دخلت ميدان الطب من أبوابها الواسعة فيما استفاد منها المهندسون في توليد الطاقة الكهربائية وتنقية وتحلية المياه وفي الاتصالات والتخلص من التلوث والمحافظة على البيئة وبكلف أقل كثيرا.ولكن ماهي تقنية النانوتكنولوجي .
تخيل انك سؤلت عن المسافة بين مدينتنا والنجف الأشرف ، مؤكد ستجيب بالكيلومترات ، أما لو سألنا احد عن مسجد المحلة فاجابة ستكون بالأمتار حتما، وهكذا اذا سلأك عن طول شاشة التلفزيون في المنزل حيث تكون الاجابة بالسنتيمتر ، وصولا الى سمك عدسة النظارة الشمسية التي تضعها على عينيك في الصيف فانك ستجيب بالمليمتر ، ومن هذا الحديث يتبين اننا نستخدم قياسات تعلمناها في حياتنا وبامكاننا ان نلمسها ونشاهدها ولكن ما بالك لو نظرت بالمجهر ورأيت اجساما دقيقة جدا ، من المؤكد سوف تحتار في كيفية قياسها ولكن العلماء حلوا اللغز ووضعوا وحدة قياس ( مايكرومتر ) لمثل هذه الحالات ولكن تطور العلم ليس له نهاية وبالتالي فأجهزة الفحص والتكبير بامكانها الن ترينا أجساما متناهية الصغروبالتالي لاينفع معها المايكرومتر وعليه تم اللجوء الى وحدة جديدة متاهية الصغر وهي النانومتر والنانومتر هي واحد من مليار جزء من المتر وحتى نقرب الصورة نقول أن قطر شعرة الرمش تصل الى 50 أف نانومتر.
اذا فان النانو هي تقنية الجسيمات التي تتناهى بالصغر، ولنتخيل ان لدينا سبيكت من الذهب ، ماذا يحصل لها لو قسمناها الى قطعتين ثم أربع ثم ثمان وهكذا ، أكيد لايحصل شئ وتبقى محافظة على خواصها كاللمعان والبريق ولكن تخيل اننا اتينا بجهاز متخصص وبدأنا نقسم السبيكة الى قطع صغيرة وصولا الى 100 نانو و 50 نانو ، ماذا نتوقع؟ في ال 100 نانو يتغير لون الذهب الى البرتقالي وفي ال 50 يتحول اللون الى الأخضر، بمعنى انه سوف يفقد خواصه ومن هنا يمكننا أن نتوصل الى فرضية ان تجزئة المادة الى جسيمات تقترب من النانو يفقدها خواصها وهي ما نبحث عنها ، أي أن تفقد المواد خواصها وتندمج باتجاه خلق خواص ومواصفات جديدة نحن بحاجة اليها. ولنعرف النانو كتقنية نقول انها سلسلة الأبحاث والتطورات التي تجري في مجال ال 100 نانو ، تستخدم مواد فريدة ومتناهية الصغر وبامكان العلماء التحكم و التحوير على مستوى الذرة.
اهم استخدامات هذه التقنية هي في مجال الطب ، فالعالم الآن يتسابق في مجال طب النانو Nano- Medicine حيث قامت بلدان العالم ببناء مركز بحثية كبيرة في هذا المجال ولعل أكبر حقول الطب وأكثرها تعقيدا هو ما يتعلق بالسرطان والنانو يدخل في هذا الميدان من خلال جهاز الناتئ النانوني Cantilever وهو جهاز يقارب أبعاده أبعاد الكرية البيضاء ولكن توجد في نهايته نتوآت لها القدرة على الارتباط بالخلايا التي تشير تصرفاتها الى الاصابة بالسرطان ، والجهاز هذا دقيق جدا وقادر على كشف السرطان ولو كانت خلية واحدة. وفي بعض مختبرات أميركا تستخدم أصداف النانو وهي جسيمات نانو تصنع عادة من مادة السيليكا وتغطى بقشرة رقيقة جدا من الذهب تلصق بها مضادات حيوية ولها قدرة عالية على التعرف على الخلايا المصابة بالسرطان فتستهدفها وتلتصق بها بدقة متناهية، ثم تعرض الى إشعاع كهرومغناطيسي كالأشعة تحت الحمراء من ليزر فتؤدي الى تتفاعل هذه الجسيمات مع حزمة الإشعاع و تحوله إلى طاقة حرارية تفوق ال 100 م° ينتج عنها تدمير الورم كلياً من غير أي ضرر بالخلايا السليمة، التحكم بالحرارة يكون من خلال سمك جسيمات الذهب ونوع الليزر المستخدم.
في الوقت الحاضر يعتمد الطب على الاشعاع بالمواد الكيمائية المشعة للسيطرة على السرطان ، وهذه الطريقة لها مضاعفات كبيرة جدا على صحة الانسان ، ناهيك عن فقدانها الفعالية في مكافحة السرطان . باستخدام تقنية النانو يمكن تحميل العقار أو العقاقي المطلوبة وايصالها الى الخلايا السرطانية مهما كانت صغيرة ولو كانت منفردة فهي قادرة على اكتشافها والولوج بداخاهلها وتوصيل العقاقير اليها ، هذا الجهاز يسمى النانو ديندريمرDendrimer ولا تقتصر قدرته على ايصال العقار بل اعطاء تقرير عن وضع الخلية . كفى الله أهلنا من كل سوء انه سميع عليم.
الأستاذ الدكتور إحسان فتح الله